- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً

- اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.. بين التفاؤل الحذر ومخاطر العودة إلى الهاوية
- زعيم كوريا الشمالية يتعهد ببناء «جنة اشتراكية» في بلاده
- الذهب يتجه للارتفاع الأسبوعي الثامن على التوالي
- ترامب يسعى لجذب الأضواء قبل الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للسلام
- وزير الخارجية السوري في بيروت الجمعة لبحث ملفات شائكة
- زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب جزيرة مينداناو في الفلبين وتحذير من تسونامي
- الجيش الإسرائيلي يبدأ الانسحاب من غزة
- الرئيس التنفيذي لشركة "Petro Oil & Gas Traders" يؤكد أهمية التعاون الدولي في منتدى الغاز العالمي بسانت بطرسبرغ
- الجوع يلتهم صنعاء.. والحوثيون ينفقون الملايين على احتفالات المولد
- اتفاق إستراتيجي بين "بترو أويل آند جاز تريدرز" الإماراتية و"السخنة للتكرير والبتروكيماويات" المصرية لتزويد مشروع مصفاة السخنة بالخام

يصنّف الأدب والفنّ وفق معيارَيْ الجودة والرداءة، في هذه الحالة يضع نفسه رقيباً مُحكّماً يفرض آراءه وتوصيفاته، ويفترض من الآخرين أن يعملوا بما يمليه عليهم.
هل هنالك أدب رخيص وآخر غالٍ؟ هل يندرج توصيف الأدب بالرخيص في إطار تسليع الأدب وتجريده من معناه ورسالته؟ هل من الجائز الحديث عن الرداءة والجودة في الأدب؟ ألن يدخلنا ذلك في لعبة التسوّق والتشيئة والتسليع؟
يستحضر السؤال عن توصيف الأدب بالرخيص أو الغالي أو النفيس أسئلة عن الصفات التي تلحق بالأدب عادة في المقاربات والتأويلات، ويمكن في هذا السياق الاستطراد في إسباغ صفات رغبوية على الأدب، كالحديث عن أدب نظيف وآخر وسخ، أو قذر.
وكذلك أدب سوقيّ وآخر راق. أو أدب مؤدّب وآخر مجرّد من الأدب. أدب مسؤول وآخر متسوّل الانتماء إلى الأدب. كما يمكن الاستطراد في إلصاق صفات كثيرة بالأدباء والمبدعين، بحسب رغبة الواصف أو أرضيّته التي ينطلق منها في مقاربته وتوصيفه.
لكن لا يخفى أن ذلك يعكس تناقضاً يضطرب في التركيب نفسه، فأن يكون هناك أدب يعني أنه موازٍ للحياة بكلّ ما يعترك فيها من جماليات وتناقضات في الوقت نفسه، وباعتبار الأدب يحاكي الحياة، أو يلتقط مشاهد منها، فهو ملتقط بالضرورة ما يتخلل تلك الحياة وما يجول في ثنايا تفاصيلها وطيّات أبطالها الذين يتمّ تصوير جزء من واقعهم أو حياتهم أو أفكارهم عبر الأدب.
يخطر للمتابع حين يقرأ تعبير “أدب رخيص” توصيف آخر في مجال إبداعيّ مختلف، في الفن السابع، إذ هناك من يصنف السينما إلى نظيفة وأخرى غير نظيفة، والنظافة هنا إشارة ودلالة على خلوّ الفيلم السينمائيّ من مشاهد جنسية، أو ربما مشاهد أو مقاطع تناقش يقينيات غيبية مؤصّلة عند أتباع هذا الدين أو المعتقد أو ذاك. ولعلّ من الجدير بالذكر أنّ روائياً وكاتباً كالأميركيّ تشارلز بوكوفسكي (1920-1994) اختار عنوان إحدى رواياته “أدب رخيص”، وأهدى تلك الرواية إلى الكتابة السيّئة.
وتكمن النقطة المثيرة للإعجاب أنّ الرواية تأتي كتحدٍّ من بوكوفسكي نفسه، عبر كتابته لروايته بحرفية عالية، كجلّ كتاباته، وكأنه بصدد تلقين أولئك الذين يكتبون بطريقة سيئة درساً في الأدب، يقول لهم إنّ الأدب قيمة إنسانيّة رفيعة.
وبهذا المعنى ما استرخاصه المعلَن إلا عاكس ومفترض لنقيضه، ورسالة مفادها أنّ الكتابة السيّئة لا يمكن أن تسيء إلا لصاحبها بالدرجة الأولى، والأدب بمفهومه السامي براء من هذه التلفيقات.
هناك مَن يصنّف الأدب والفنّ وفق معيارَيْ الجودة والرداءة، في هذه الحالة يضع نفسه رقيباً مُحكّماً يفرض آراءه وتوصيفاته، ويفترض من الآخرين أن يعملوا بما يمليه عليهم، أو بما يقدمه لهم على أنّه نصائح تربويّة أو تثقيفيّة.
يكثر هذا التصرّف في ظلّ الشموليّات، سواء كانت السياسيّة أو الدينيّة، تلك التي تعتبر الجيّد ما يوافق هواها، والرديء ما يخالف إملاءاتها، وتقولب الناس انطلاقاً من تلك النظرة التي تسيء لمفهوم الأدب ومعنى الحياة الإنسانيّة التي تتزيّن بالاختلاف الذي يهدف للارتقاء بالذائقة والوعي.
ربّما ينطلق بعضهم من نيّات حسنة في كتابة أعمالهم مدفوعين برغبة في الحظوة باعتبارات معنوية أو مادية، أو برغبة في الدفاع عن قضية ما بحماسة تخلو من علم ودراية، لكن وكما يقول المثل “النيّات الحسنة تنتج أدباً رديئاً”، ربّما يكون السؤال عن استرخاص الأدب أو الإعلاء من قيمته كامناً في مقولة لبوكوفسكي في عمله “أدب رخيص”، وذلك حين يقول “الجحيم هو ما تجعله أنت جحيماً”. والأدب كذلك، إمّا أن يجعله صاحبه أدباً، أو يبقيه رخيصاً. وهنا امتحان الكتابة والأدب.
كاتب من سوريا
منقول من صحيفة العرب ..
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر
