- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً

- مناشدة عاجلة لوزير الداخلية المصري بشأن مواطنين يمنيين
- تحالف قبائل محور شعيب: لا للخضوع لحكم طائفي وندعو لتحرك عاجل ضد الحوثي
- كيف أصبح الأمريكيون مدمنين للقهوة؟
- محكمة العدل الدولية ترفض الدعوى المقدمة من السودان ضد الإمارات
- واتساب يتوقف عن العمل على 3 أجهزة آيفون شهيرة بدءاً من اليوم
- قائمة سوداء لشركات صينية مهددة بالشطب من البورصات الأمريكية
- إسرائيل تعلن عن رد محتمل على الهجوم الحوثي بالقرب من مطار بن غوريون
- نتنياهو: الهجوم الجديد على غزة سيكون «مكثفاً» لنهزم «حماس»
- وصفوه بـ«بوق الفتنة».. إدانة يمنية واسعة لتصريحات شوقي القاضي حول طارق صالح
- تقرير موثق بالصورة.. ماذا حدث للمهاجرين الأفارقة في صعدة؟

أول الضحايا في عصور الانحطاط، العقل والفكر ودروب المنطق. يغيب العقلاء والمفكرون ودعاة التعقل وشجعان الضمائر، ويتكاثر المهرجون والمجهِّلون وأهل الخواء. كان أحمد لطفي السيد، أحد أعلام عصر النهضة، يقول إنه لا مواطن حرًا إذا لم تكن الأمة نفسها مستقلة. وكان يقول إن الاستبداد المستمر طويلاً يهدم الفرد كما يهدم المجتمع، لأنه يحول دون نمو الطبيعة الخلقية على أتمّها.
أعاد طباع التملق والتزلف والنفاق والكذب إلى تهاوي الكرامة البشرية في ظل الاستبداد. إنه يعلِّم الخنوع ويربّي الذل ويبرِّر الهوان وينشر الفساد. نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» قبل فترة أن معسكر العزيزية في طرابلس احتلّه المشردون والفقراء والقادمون من أرياف ليبيا. وقال أحد هؤلاء للوكالة: «في الماضي، كنّا نمر من هنا ونخاف النظر إلى المكان خوف أن نُضبط ونحن نتطلّع إليه، فيُحكم علينا بتهمة التآمر».
كم بلد عربي كان فيه المواطن يخشى النظر لكي لا يُضبط بتُهمة الرؤية، أو التلبس بتهمة المعرفة؟ يمنع الاستبداد حكم القانون، يقول السيد، ويروِّع رجال القضاء، فلا يعودون يشعرون بالأمان، لا هم ولا الناس. والاستبداد المفرد يفصم عرى التضامن في جميع الأمة لأنه يزعزع الثقة فيما بين أهلها، ولأنه مخالف للعلم والطبيعة البشرية معًا؛ إذ يجعل الأقوياء والمستبدين من طبقة فوق البشر.
وكان لطفي السيد يحب مصر بالعراقتين؛ الفرعونية والعربية، وبالمكوِّنين؛ الريف والمدينة. ولشدة ما أحب الريف وأهله وبساطته، خطر له أن ينصرف إلى العيش فيه، كما فعل تولستوي، نبيل نبلاء روسيا وأسطورتها الإنسانية. والمستبد لا يعرف كيف يحب أهله وأرضه، ولا يرى في أمس الدنيا أو حاضرها أو غدها سوى نفسه، ويرفض أن يصدق أحدًا سوى نفسه.. وهو لا يخاف الله، بل المتآمرين، ولا يخشى ضميره، بل الطامعين في حكمه، ولا يثق بأخ أو صديق أو مؤتمن، ولذلك يضع خلف كل مخبر مخبرين، أو أكثر.
نتطلع إلى مصر دومًا في أمل وفي وجل.. الأمل، لأن منها تخرج عصور النهضة، والوجل، لأن بعض ما يصدر عنها هذه الأيام يؤكد علامات الانحطاط بدل أن يبددها. بدل الفكر والتنوير يغرقون مصر ويغرقوننا بسيل من الانهيارات اللفظية المسيئة إلى حصانة مصر وسمعة المصريين.. والناس تتسلى، غير مدركة أنها تتسلى بغدها وتنقاد نحو صنف مخادع من العدميات، يقوض هيبة الدولة ويحفر في وعي الشعوب.
ليست هذه الحرية التي بشر بها النهضويّون في القرنين الماضيين، ولا هي الوطنية والقومية اللتين ظهرتا على مشاعل مصر. ومن المخزي إغراق المصريين بكل هذا الدفع من الضحالة، تحت عناوين مضللة ومزورة.. فمنها ما هو شراكة في الدفع المقصود نحو الانحطاط، ومنها ما هو جزء من الحملة على الدولة العربية.. وكلها إنكار لرفعة مصر.
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر
