- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- من الكاميرات إلى اللاسلكي.. كيف تتبعت إسرائيل القادة الحوثيين؟
- «الشاباك»: إحباط شبكة تهريب أسلحة وأموال من تركيا إلى الضفة لصالح «حماس»
- التحويلات المالية تتجاوز النفط كمصدر أول للعملة الصعبة في اليمن
- أحمد السقا يدافع عن مها الصغير: وقعت في خطأ غير مقصود بتأثير المحيطين
- راغب علامة: نصحت فضل شاكر بتسليم نفسه وليس لدي كراهية له
- الثالثة خلال شهر.. ضبط شحنة مخدرات بـ130 مليون دولار في بحر العرب
- 6 أطعمة تتفوق على التمر في محتوى الألياف الغذائية
- واشنطن: «حزب الله» يعيد التسلّح والجيش لا يقوم بعمل كافٍ
- حبس اللاعب رمضان صبحي على ذمة محاكمته في قضية تزوير
- أسعار البن تهبط عالمياً عقب إلغاء ترامب الرسوم على البرازيل
للأمكنة روح تنبض بداخلنا، ارتباط متين بماضينا و حاضرنا و يمتد حتى لمستقبلنا، فتكوين شخصيتنا يستند في جزء من أساسياته بمكان النشأة، بمكان الإقامة، بل بكل مكان وطأته أقدامنا و ترك أثرا ما فينا، و يقودنا الحنين إلى اجترار ذكرياتنا فيه حتى لو في الخيال، ومثلما نحن يجذبنا الحنين إلى الأماكن الخالدة بدواخلنا هي أيضا تشتاق لنا ويحركنا دبيب شوقها لزيارتنا و الارتماء في أحضانها، ولعل ما قدمه لنا الروائي مصطفى لغتيري من خلال سيرته الذاتية "شهوة الأمكنة" خير مثال عن قيمة الأمكنة في حياة الإنسان، فبعدما قاسمنا من خلال سيرته الأولى "حب وبرتقال" علاقته بأمه ورائحتها العطرة الممزوجة برائحة البرتقال المنعش، ها هو ذا يقاسمنا مجددا علاقته بالأمكنة التي تركت الشيء الكثير بداخله، انطلاقا من البادية المرتبطة ببراءة الطفولة حيث كان يقضي فيها عطله الصيفية، إلى البحر حيث تمخض الشباب بكل عنفوان، إلى مدينة البيضاء والجديدة .... بشوارعها و أزقتها بمسارحها ودور السينما وملاعبها حيث تفتق الوعي الفكري والعلمي، فكل مكان كان مدرسة بحد ذاته.
و بين محطة و محطة كان لغتيري يستريح ليمرر شيئا من رموز ومعالم الأمكنة للجيل الناشئ الذي لا يعلم شيئا عن الآثار المنقوشة، التي تركها البرتغال على أسوار الجديدة، ولا عن التاريخ الأسطوري لعيشة قنديشة، ولا العاشقة لآلة عايشة البحرية وارتباطها العاطفي بالولي الصالح بوشعيب السارية،... أسماء نتداولها اليوم كأسماء لمزارات أضرحة غير عارفين بماضي شخوصها شيئا، لكن لغتيري أخذ على عاتقه كشف التاريخ المستور وربط قنوات الماضي بالمستقبل، من خلال أعماله الأدبية حتى يبقى الامتداد للتاريخ، و على غرار باقي رواياته جاءت شهوة الأمكنة مثقلة بأسلوب شاعري حميمي، كيف لا وهي تعبر بكل صدق عن حميمة الذات للمكان، للجذور، لكل الدروب التي وطئتها القدم، لكل الأمواج التي ارتطمت بالجسد، لكل الثمار التي قطفتها السواعد من أشجار الأهل و الأقرباء بالبوادي، والشيء الجميل الذي يمكن للقارئ العاشق للكتابة أن يلتقطه من الرواية هي تلك الرسالة التي بعثها لغتيري ضمنيا، أنه رغم كل المتع التي لقيها بين الأمكنة إلا أن متعة القراءة والتجوال بين السطور والكلمات لا تضاهيها متعة، لم يكتف في مساره التعليمي بالمقررات الممنهجة فقط وإنما تجاوزها، فعانق كتبا من مجالات شتى كانت رفيقا له في سفره و ترحاله، لم يشغله شيء عنها رغم الرفقة والصحبة إلا أن الكتاب كان الرفيق السري والمعلن، و من هنا كانت الانطلاقة نحو عالم الإبداع التي جعلت منه كاتبا غزير العطاء.
شهوة الأمكنة سمر فني بدون قهوة أو حلوة فذكريات لغتيري التي شاطرنا إياها من خلال 90 صفحة كانت كفيلة بإنعاش الجلسة، فلم يكن حكيه اعتباطا، وإنما تجربة ذاتية أبى إلا أن يقاسمها مع قرائه، لعلهم يستخلصون منها أسرارا خفية في شخصية مصطفى لغتيري الكاتب والإنسان.
02-02-2021

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر

