
- الاتحاد العام للإعلاميين اليمنيين يدين اعتقال الصحفي يزيد الفقيه ويطالب بالإفراج الفوري عنه
- شراكة مميتة بين الحوثيين وحركة الشباب تهدد القرن الأفريقي وتضرب قناة السويس
- اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.. بين التفاؤل الحذر ومخاطر العودة إلى الهاوية
- زعيم كوريا الشمالية يتعهد ببناء «جنة اشتراكية» في بلاده
- الذهب يتجه للارتفاع الأسبوعي الثامن على التوالي
- ترامب يسعى لجذب الأضواء قبل الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للسلام
- وزير الخارجية السوري في بيروت الجمعة لبحث ملفات شائكة
- زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب جزيرة مينداناو في الفلبين وتحذير من تسونامي
- الجيش الإسرائيلي يبدأ الانسحاب من غزة
- الرئيس التنفيذي لشركة "Petro Oil & Gas Traders" يؤكد أهمية التعاون الدولي في منتدى الغاز العالمي بسانت بطرسبرغ

ملامح فتاة ، لاتشبه أحد ، وليست كفتيات جيلها ، وهي لا تنتمي إلي أي أسرة ، أوقبيلة ، ملامح تنتمي لذاتها فقط ،وفي نفس الوقت تنتمي الي الجميع، عندما أدركت العالم من حولها ، وجدت نفسها تسكن في دار لرعاية الأيتام ، كانت لاتعلم من يكون أباها ، ومن تكون أمها ؟ ولاكن في سجلات دار رعاية الأيتام ، كُتب بجوار إسمها "ملامح المنتصربالله " ، لم ترى أبدا ً ، هذا المنتصر بالله ، عندمابلغت السابعة من عمرها ،كانت تسأـل مربيتها في الدار بشكل شبه يومي ( أين أبي وأمي ؟ ) كانت المربية تجيبها دائما ً ( لقد رحل أباك وأمك الي الحياة الأخرى) ، وعندما بلغت الحادية عشرة ، بدأت ملامح الحياة تتشكل عليها ، ومضغها الألم ، والقهر ، مبكرا ً ، عندما وصفتها صديقتها في المدرسة ذات يوم ( باللقيطة ) ، يومها عادت الي الدار وبركة من الدموع تبلل خديها ، ورفضت تناول العشاء ، وفي صباح اليوم التالي ، سألت مربيتها قبل أن تذهب الي المدرسة ( هل حقا ً أنا لقيطة ؟ ) ثم غادرت مسرعة بدون أن تتلقى الإجابة ، التي تلاشت في الهواء قبل أن تصل إلي مسامعها ، إرتسم قهر الزمن على ملامحها وعلى تقاسيم وجهها البريء مرةأخرى، عندما نعتتها مربيتها في الدار بنفس الكلمة التي سمعتها من صديقتها في المدرسة ، بعد أن دهست تلفون المربية النقال بقدمها بدون قصد فتهشم ، إعتصرها الألم هذه المرة وكان كثعبان إلتف حول عنقها ، هاهي تسمع هذه الكلمة مرة أخرى ، ومن من ؟ من مربيتها ، لقد قيدها الحزن تلك الليلة ، وألقى بظلال الأرق عليها ، فلم يغمض لها جفن ، وتساقطت دموعها بلا إستئذان ، والتي
كانت تحاول أن تطفأ نارحزنها ، وسعيريأسها ، لقد رسم الليل ملامح سواده عليها تلك الليلة ، فتعاظم يأسها وقهرها ، حتى قارب قمم الجبال ، وأستوطن الهم قلبها ، فأعمى بصيرتها ، وأختطف عقلها الغض ، وألقاه في مغاراته المظلمة ، السحيقة ، فأمتدت يدها البريئة ، بسكينة الخلاص ، فقطعت وريد معصمها الأيسر ، وغادرت الدماء شرايينها المتعبة الرقيقة ، وكأنها هي الأخرى تريد أن تمد لها يد المساعدة ، وتطفأبركان حزنها ، وغضبها ، فأنسكبت بغزارة شديدة ، راغبة ً في الخروج من جسدها ، لتمنحه الراحة الأبدية ، ولاكن كان للسماء رأياً أخر ، فقد قدمت المربية ، الي غرفتها ، لتعتذر لها عن ماحدث ، ونقلتها الي المستشفى في الوقت المناسب ، غادر الموت ، غرفة "ملامح" ، في اللحظات الأخيرة ، بعدأن أشهر سيفه المسلول ، وهمّ بذبح حياتها المثخنة بالجراح ، كان ينوي هو الأخرمديدالعون لها ولاكن على طريقته ، وبعد أن مكثت ملامح أسبوعا ًكاملا ً في المستشفى، تم إعادتها الي الدار بعد إستقرار حالتها ، بعد هذه الحادثة بعدة أيام ، قررت "ملامح "الهروب إلي المجهول ، فوضعت بعضاً من ملابسها ، في حقيبتها المدرسية ، وغادرت "دار رعاية الأيتام " ، وسارت على قدميها مسافة طويلة حتى غادرت المدينة ،شعرت ملامح أنها غادرت الماضي ، وتنفست الصعداء ، نظرت خلفها وشاهدت أطراف المدينة تتوارى خلف الأفق البعيد ، ومعها توارت الذكريات ، ومعاناة الألم والقهر ، مضت ملامح ، بلا هدف ، وبلاتفكير ، وأدركت أنها لم تعد تعرف من تكون ؟، هل هي ملامح الشتاء القارس ، الذي رسم ، زمهريره ، وبرودته ، على الوجود ،
وعلى الوجوه ،والطرقات ، والأماكن ، أم هي ملامح الصيف ، الحار ، والملتهب ، الذي يرسم ، غليانه ، على السحب الكثيفة ، فيسكب أمطار الغضب والثورة ، والجنون ، أم هي ملامح الربيع ، الهادئ ، والمنعش ، والوضاء ،الذي يرسم ، عبيرأزهاره ، عطورا ً ، على وجه الزمان ، والمكان ، وصفحات الأمنيات ، والذكريات ، أم هي ملامح الخطيئة ، التي إقترفها العقل البشري ، الموغل في اللاوعى ، وفي الأثم ، و العمى ، والسقوط المريع ، أم هي ملامح عصرالإستبداد ، والظلم ، والقهر ، والتسلط ، وإنهيار، القيم ، والمثل ، والمبادئ ، لقد حكم كل من يمت لملامح بصلة ،عليها بالخراب ، وأصبحت يمامة تائهة تحلق في سمائه ،الملبدة بالغيوم ، إنه لجوئهاالأخير الي فضاء الحياة ، الذي صنعها ، أغنية ًحزينة منكسرة، على شفاه الفجرالموشى ، بالمعاناة ، والألم ، والرحيل ، مدت ، ملامح، يدها ،الي حقيبتها المدرسية ، وأخرجت بعض أدوات الزينة ، التي سرقتها ،من غرفة ،مربيتها ، ثم زينت ملامح وجهها الطفولي ، بمساحيق التبرج ، ثم خلعت غطاءرأسها ، وحلت ضفائرها ، وألقت بحقيبتها المدرسية ، على جانب الطريق ، ثم توقفت تلك السيارة ،التي لوحت لها ملامح بكف يدها الرقيق والبريء ، وعندما إستقرت بداخلها ، لم تعد تشعر أنها ملامح ، بل شعرت أنها وطن ، غدربه أبنائه ، وجعلوا منه وطن بلا ملامح ، يسير إلي المجهول ، ليقبع في المنفى ، ثم يذوي ، ويموت ، وحيداً .
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر
