- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً

- تصريحات حاسمة تكشف ملامح مرحلة جديدة تقودها الشرعية اليمنية بدعم دولي وإقليمي
- العليمي: المشروع الحوثي تهديد وجودي للنظام الجمهوري والهوية اليمنية
- العليمي: القضية الجنوبية جوهر أي تسوية سياسية عادلة ولن تُحل بمعالجات شكلية
- عودة موقع الرئيس العليمي بعد توقف دام لساعات بسبب خطأ تقني
- فضيحة.. توقف موقع رئيس مجلس القيادة الرئاسي بسبب عدم سداد رسوم الاستضافة
- مناشدة عاجلة لوزير الداخلية المصري بشأن مواطنين يمنيين
- تحالف قبائل محور شعيب: لا للخضوع لحكم طائفي وندعو لتحرك عاجل ضد الحوثي
- كيف أصبح الأمريكيون مدمنين للقهوة؟
- محكمة العدل الدولية ترفض الدعوى المقدمة من السودان ضد الإمارات
- واتساب يتوقف عن العمل على 3 أجهزة آيفون شهيرة بدءاً من اليوم

قضت ليلتها في مناوبة مستمرة ، فتارة مع طفلها وحُمى أثقلت جسده الغض ، وأخرى مع نوم يسترق من أجفانها غفوة ، وهي مشرفة على جسد ابنها ذي الربيع الثامن , يقرع جرس رأسها وهو يهوي إلى الأسفل . هذا إن لم يوقظها أنين الجسد الغض وحشرجات صوته :
- متى يطلع الصبح يا أمي ؟
ليس شوقاً لسلوة النهار ، بل آملاً أنه سيتخلى عن المرض الملاصق له بالفراش.
تخرج مع ابنها إلى السفح المجاور للبيت ( حمام قروي ) , فيطل عليها قمر مشاغب أعاد لها ذكرى سنوات أفلت , وطمست من قاموسها مع أفول قمر ليلة عرسها قبل تسعة أعوام . حين قدمت وغصنها ممتلئ بالثمر , فاتشح فارس أحلامها سيفه فأثخنه ؛ ليذبل يوماً عن يوم . وهاهو قمر هذه الليلة يعيد لها ذكرى أحلامها الوردية المفعمة بالحياة ، وفتى أحلامها الذي كان يراودها كل لحظة . لكن هذه الليلة على سفح القرية الموحش المشبع بصوت النأي والذكرى الحزينة ، بات فتى أحلامها يتأفف من أنين ابنه المريض , الذي يبدو كأنه دخل عتبة الستين من عمر انقضى ، ودموعها تتوسل إلى القمر المشاغب أن يغادر ليصبغ على حياتها جواً مناسباً ، ما زال دمعها يتدحرج على سفوح وجهها حتى زحف أنين ابنها إيذاناً بأنه أفرغ ما في بطنه .
حتى القمر لم يرثِ لحالها ويحمل قطعة رمادية من السحاب المجاورة ليدثر ذكراها المؤلمة . الصبح لم يطلع ، والزوج لم يشفق على من هو سبب مغادرتها لروح أحلامها ، وكذا القمر لم يغب , أو يحتجب ! بل لاحقها ضوؤه من فتحة بجوار نافذة الغرفة .
أنين إلى الصبح , ونداء بجلجلات صوت مرتعش من حمى ضارية ينادي : ( أماه .. أماه ) ، ونوم يجلد بسياطه عينيها المغرورقتين بدمع صامت .
أصفاد تطوق أعناقاً ضعافاً ، طفل يرقب الصبح ، وأمٌ ترجو شفاء ابنها , وتتوسل القمر أن يغيب .
هاهو صوت مئذنة الجامع يبح للنائمين , ويأذن برحيل القمر ، ويفلق هامة ليل طغى على قلب الطفل المتعب .
توسلات الطفل لشمس الشفاء أن ترسل شعاعها ، ونظرات الأم في عيني بكرها وقد حلجتها حمَّى مضنية .
طلع الصبح وإذا بالطفل يلعن فجراً بغاه , وشمساً رجاها بعد ليل أضناه رحيله . فكلاهما كما قلب أبيه النائم الذي سمعه يقهر أمه عندما رجته أن يعطيها ثمن جرعة دواء لابنه السقيم , فأجابها : (خذي من جارنا) وهو يتلمس علبة (السيجارة).
جادت يد رطبة في قسوة القرية ببضع مئات للأم المقهورة . ومع أول باص يحمل ( بائعي القات ) إلى المدينة كانت الأم تنتظره لتجلس على كرسي انفرادي لأنها لا تمتلك (محرماً ) , فظلت الأعين تلوكها وتفتش في ضمور جسدها.
في صيدلية الشفاء تعرض حالة الطفل المشيخ على شاب يتطفل على حياة البشرْ ، فيجمع عبوتين ويخبرها بالسعر الذي صعق مسمعها ؛ لتناوله مبلغ ألف وكذا بضع مئات من الريالات ، مدت يدها بما تحمل من مئات معدودة ، يعطيها دواء واحداً ويُرْجِع الآخر وهو ينظر في عينيها اللتين شاخ بريقهما ، لأنهما لم يشبعا شيئاً في نفسه .
1 / 11 / 2008م .
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر
