الأحد 25 مايو 2025 آخر تحديث: الاربعاء 21 مايو 2025
أحلام معتقة - أحمد جابر
الساعة 12:09 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


جيبه الممزق يظل باردا طوال الوقت، لايملك غير كتب قديمة ، تزاحم أولاده في الغرفة الصغيرة ، لم يشعر برتابة الزمن ، لم يتغير شيئ في حياته ، فقط بعض التجاعيد على وجهه والشيب الأبيض الذي غزا رأسه ، ومستوطنون جدد يحتلون مسقط نومه ، لم يخسر سوى ضرسين ، لازال يأكل جيدا ، انتفخت بطنه .. تكورت أكثر من اللازم ! أحلامه كانت كبيرة بحجم الوطن ، لكنها بدأت تنحسر شيئا فشيئا لتصبح مفصلة على مقاس الكوخ الذي يسكنه ، شهادته العليا تنام بهدوء ، وترقد بسلام محشورة بين أوراقه القديمة ، يقطب حاجبية حين يحل المساء .. يقفز من رأسه مارد قوي بما يجعله قادرا على قهر فقره ..

تتحول الغرفة الضيقة إلى قصر كبير ، مملكة تحوطها الجواري والنساء ، حوريات من زبرجد وياقوت، تغمزه كل الحسناوات .. يغتسل في بركة من العطر ، ويضع له ضرسين من الماس كي يستطيع أن يلتهم غابات من اللحم ، الليل يضع فرشاته فوق ذلك الشعر ، لم يعد محمية طبيعية كعادته ، عيناه تلونهما السماء وتضع فيهما قطرات من الزرقة ، بدت قامته أكثر طولا وانتصابا ، سحابة من اللبن تقترب منه ليرضع من حليبها النقي ، عندما ينتصف الليل تنزل عليه القمر بوشاحها الأبيض تجر خلفها ذيل فستانها المطرز بالعقيق ، تمر في بلاطه مرور الماء المنساب في السواقي .. تكشف عن ساقيها فتذوب قطع السكر بين تلك الفناجين ، تلك اللمى الوردية تقدم لجلالته في أطباق من الذهب المخلل بالرضاب .. يصفق قلبه إيذانا بالرقص .. يثمل من أول نظرة ، عيونها تترجم كل الرغبات وجسدها يطلق مبادرة من العيار الثقيل ، حوار صاخب يعيد تشكيل جغرافية الجسد ، لازال صاحب الجلالة ثملا ، فجأة تتكور مثانتة .. تنتفخ .. يشعر وكأن المحيط يتدفق في داخله .. يتألم ..

يفجر قنبلة صوتية ، ليجد أولاده قد استيقظوا من هذا القبر والكتب تغرق في مستنقع بوله ، ورائحته المعتقة تملأ الغرفة ، استيقظ ليجد أن نصفه الأسفل كان عاريا والريح الباردة تنطلق بقوة ثلاثين عقدة من زجاج النافذة المكسورة لتعانق جسده المكشوف ، بدت له سوأته وطفق يبحث عن بطانية تمنحه الدفء!!!

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص