الاثنين 26 مايو 2025 آخر تحديث: الأحد 25 مايو 2025
فؤاد محمد
الدهاء المتخفي خلف السلالة وأدوات القمع الجديدة
الساعة 20:49
فؤاد محمد

في اليمن، حيث الحرب أنهكت الناس، والمآسي تكررت حتى أصبحت نمط حياة، برز عبد الملك الحوثي كزعيم لجماعةٍ رفعت شعار "الصرخة" لكنها أدخلت البلاد في نفقٍ مظلم لا نهاية له.

لم يكن عبد الملك يوماً قائداً عادياً، بل رجل استغل جهل الكثير، وعبث بعقول الشباب بشعارات دينية ومظلومية موروثة، ثم وجههم نحو محرقة مستمرة منذ سنوات.

بدهاء خبيث، نجح عبد الملك الحوثي في تسويق نفسه للطائفة الزيدية وصدقه الكثيرون كـ"قائد قرآني"، وكأن بين يديه مفاتيح الخلاص، لكنه في الواقع لم يكن سوى نسخة أكثر خبثاً من أجداده  الذين سبقوه. فقد استخدم الدين وسيلةً لإضفاء قداسة زائفة على سلطته، ثم زرع الخوف والطاعة في عقول أتباعه، حتى بات البعض منهم يرونه فوق النقد أو الخطأ.

خطاباته المكررة تكشف عن رؤية متعالية لليمنيين. فهو لا يراهم شركاء أو مواطنين، بل أتباعاً في "مشروعه الإلهي".

يتحدث وكأنه مبعوث السماء، بينما في الواقع يمارس سياسة الإقصاء والتمييز والازدراء حتى لأبناء السلالة إن لم يكونوا من طيعته. عبد الملك لم يبنِ وطناً، بل بنى طبقة سلالية مستفيدة، وسلّم مفاصل الدولة لمجموعة من المجرمين تحت مسمى "المشرفين".

اختار عبد الملك الحوثي للمناصب القيادية شخصيات بلا مؤهلات، لا تملك من الخبرة سوى سجلٍ في الإجرام والانتهاكات. فجعل منهم "مشرفين" على مؤسسات الدولة، يديرون البلاد بعقلية عصابات، ويقمعون أي صوت معارض باسم "الثورة" والدين. المواطن اليوم في مناطق سيطرة الحوثي لا يشعر بوجود دولة، بل يعيش تحت سطوة مشرف لا يعرف سوى السطو والنهب.

وفي خطوة تكشف عن خوف وفزع الجماعة من الداخل أكثر من أعدائها في الخارج، أنشأ مؤخراً جهازاً جديداً تحت اشرافه شخصياً  يسمى جهاز "أمن الثورة"، ليكون أداة رقابة وقمع داخلية، تتجسس على المواطنين، وتعتقل من يهمس بالرفض. إنه تكرار لتجارب الأنظمة الشمولية، لكن هذه المرة بلباس ديني وشعارات مخادعة. 

هذا الجهاز، الذي لا يخضع لأي رقابة أو قانون، سيكون سوطًا جديدًا فوق ظهور اليمنيين، ويعكس بوضوح أن المشروع الحوثي لا يعرف الدولة ولا العدالة، بل يعرف فقط كيف يصنع المزيد من السجون.

عبد الملك الحوثي لم يقد ثورة، بل قاد انقلابًا على اليمنيين، وسرق أحلامهم تحت عباءة الدين. استخدم الطائفية والتمييز والسلاح، وها هو اليوم يبني دولة داخل الدولة، مليئة بالأجهزة الأمنية والمقابر الجماعية، ومفرغة من الكرامة والحرية. ان لم يصحُ الشعب اليمني من هذا الكابوس، سيستمر عبد الملك في غيّه، ينهب باسم الله، ويقتل باسم الثورة.

*ثورة وعي ضد الطغيان

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص